للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتَجَّ بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} الآية [الأعراف: ١٧٢]. قال إسحاق: أجمع أهل العلم أنَّها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، قالوا: بلى، فقال: انظروا أن لا (١) تقولوا: إنَّا كنَّا عن هذا غافلين، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل.

وذكر (٢) حديث أُبَيِّ بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر (٣). قال: وكان الظاهر ما قاله موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: ٧٣]، فأعلم اللهُ سبحانه الخضرَ ما كان الغلام عليه في الفطرة التي فُطِر عليها، وأنَّه لا تبديل لخلق الله، فأمره بقتله لأنَّه كان قد طُبِع يومَ طُبِع كافرًا.

قال إسحاق: فلو ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس ولم يبيِّن لهم حكم الأطفال لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين، لأنَّهم لا يدرون ما جُبِل كلُّ واحدٍ عليه حين أُخرج من ظهر آدم، فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمَ الدنيا في الأطفال: «أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه»، يقول: أنتم لا تعلمون ما طبع عليه في الفطرة الأولى، ولكن حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه، فاعرفوا ذلك بالأبوين، فمن


(١) أُعلِم عليها بالحمرة، ولم أتبيَّن المراد، ولعلها إشارة إلى استشكال الناسخ لها أو إلى عدم وجودها في نسخة أخرى.
(٢) أي: إسحاق احتجاجًا لقوله.
(٣) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الغلام الذي قتله الخضر طبعه اللهُ يوم طبعه كافرًا». هذا لفظ إسحاق بإسناده، كما في «التمهيد» (١٨/ ٨٦). وقد أخرجه مسلم (٢٦٦١) بنحوه، وقد سبق غير مرة.