للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُعِثت بالسَّيف بين يدَيِ الساعة حتى يُعبَد الله لا يشرك به، (١) وجُعِل الذلُّ والصَّغار على مَن خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم». رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢).

قال أبو القاسم: هذا أحسن حديث روي في الغيار، وأشبه بمعناه، وأوجه في استعماله، لِما ينطق لفظُه بمعناه ومفهومه، بما يقتضي فحواه (٣) من قوله: «وجُعِل الذلُّ والصَّغار على مَن خالف أمري»، فأهل الذمة أعظم خلافًا لأمره وأعصاهم لقوله، فهم أهل أن يُذَلُّوا بالتغيير عن زيِّ المسلمين الذين أعزَّهم الله بطاعته وطاعة رسوله من (٤) الذين عصوا الله ورسوله، فأذلَّهم وصغَّرهم وحقَّرهم حتى تكون سمة الهوان عليهم، فيُعرَفون بزيهم.

ودلالةٌ ظاهرةٌ (٥) في وجوب استعمال الغيار على أهل الذمة من قوله


(١) بعده في مصادر الحديث: «وجُعل رِزْقي تحت ظِلِّ رُمحي»، فلا أدري أسقط من الناسخ لانتقال النظر، أو هكذا رواه اللالكائي.
(٢) رقم (٥١١٤، ٥١١٥) من طريقين آخرين عن عبد الرحمن بن ثابت به. وأخرجه أبو داود مختصرًا (٤٠٣١)، وعلَّق البخاري بعضه في الجهاد (باب ما قيل في الرماح) بصيعة التمريض. ورجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن ثابت ــ هو ابن ثوبان ــ فإنه مختلف فيه. وقد حسَّنه شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (١/ ٢٦٩) وذكر أن أحمد احتجَّ به، والذهبيُّ في «السير» (١٥/ ٥٠٩)، والحافظ في «الفتح» (١٠/ ٢٢٢). وله شواهد، ولكنها ما بين ضعيف ومرسل. انظر: «أنيس الساري» (٣٥٦١).
(٣) في الأصل: «نحواه»، خطأ.
(٤) كذا، ولم يتبيَّن متعلَّق الجار والمجور.
(٥) معطوف على: «هذا أحسن حديث روي في الغيار ... ». وغيَّره في المطبوع إلى: «ودلالته ظاهرة».