للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمنَعهم عمرُ من التكلُّم بكلام العرب لئلَّا يتشبَّهوا بهم في كلامهم كما مُنِعوا من التشبُّه بهم في زيِّهم ولباسهم ومراكبهم وهيئات شعورهم، فألزمهم التكلُّم بلسانهم ليُعرَفوا حين التكلُّم أنَّهم كفارٌ. فيكون هذا من كمال التميُّز، مع ما في ذلك من تعظيم كلام العرب ولغتهم، حيث لم يسلَّط عليها الأنجاس والأخابث يبتذلونها ويتكلَّمون بها، كيف وقد أنزل الله بها أشرف كتبه، ومدحه بلسان عربي؟!

وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ لسان أهل الجنة عربي (١).

فصان أمير المؤمنين هذا اللسانَ عن أهل الجحيم وغار عليه أن يتكلَّموا به. وهذا من كمال تعظيمه للإسلام والقرآن والعرب الذين (٢) نزل القرآن بلغتهم، وبعث الله رسوله من أنفسهم.


(١) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٥٥٨٣) وفي «الكبير» (١١/ ١٨٥) والعقيلي في «الضعفاء» (٤٥٥٩) والحاكم (٤/ ٨٧) والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٣٦٤، ١٤٩٦) من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا، وفيه العلاء بن عمرو الحنفي: متروك لا يحل الاحتجاج به. قال أبو حاتم ــ كما في «العلل» لابنه (٢٦٤١) ــ: هذا حديث كذب. وقال العقيلي: منكر لا أصل له. وله طريق آخر عند الحاكم (٤/ ٨٧) وأبي نعيم في «صفة الجنة» (٢٦٨) والبيهقي في «الشعب» (١٣٦٤)، وفيه محمد بن الفضل بن عطية العبسي: كذَّاب.

ورُوي من حديث أبي هريرة عند الطبراني في «الأوسط» (٩١٤٧) وأبي نعيم في «صفة الجنة» (٢٦٩) بإسنادين واهيين، فيهما راوٍ فأكثر من المتروكين. وانظر: «الضعيفة» (١٦٠، ١٦١).
(٢) في الأصل: «الذي».