للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدد أُخِذ بقيمة الألفي أوقيةٍ، فكأن الخراج وقع على الأواقي، وجعَلَها حُلَلًا لأنَّه أسهل عليهم.

فهذا هو الأصل في وجوب الضِّيافة على أهل الذمة: سنَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنَّة الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه -. وفي ذلك مصلحةٌ لأغنياء المسلمين وفقرائهم. أمَّا الأغنياء، فإنَّه إذا لم يكن على أهل الذمة ضيافتهم فربَّما إذا دخلوا بلادهم لا يبيعونهم الطعام، ويقصدون الإضرار (١) بهم، فإذا كانت عليهم ضيافتهم تسارعوا إلى منافعهم خوفًا من أن ينزلوا عليهم للضيافة فيأكلون بلا عوض. وأمَّا مصلحة الفقراء فهو ما يحصل لهم من الارتفاق. فلمَّا كان في ذلك مصلحةٌ لعموم المسلمين جاز اشتراطه على أهل الذمة.

قال الخلال في «الجامع» (٢): بابٌ في الضيافة التي شرطت عليهم. أخبرني محمد بن علي، حدثنا مهنَّا أنه سأل أبا عبد الله عن حديث ابن أبي ليلى: جعل عمر - رضي الله عنه - على أهل السواد وعلى أهل الجزية يومًا وليلةً (٣)، قال: قلت لأحمد: ما يومٌ وليلةٌ؟ قال: يضيفونهم.

وقال حمدان (٤) بن علي: قلت لأحمد: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -


(١) في الأصل: «الإضار»، تصحيف.
(٢) (٢/ ٤٣٥).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٤١٥٤) وابن زنجويه (٥٩٥)، كلاهما من طريق شعبة، عن قيس بن مسلم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. وابن أبي ليلى لم يدرك عمر، ولكن سيأتي من طريقين آخرين متصلين.
(٤) في «الجامع»: «محمد»، وهو اسمه، و «حمدان» لقب. هو أبو جعفر الورَّاق البغدادي الحافظ، من فضلاء أصحاب الإمام أحمد (ت ٢٧٢).