للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك مكانَه، وقيل له: قد تقدَّم لك أمانٌ، فأمانُك كان للجزية (١) وإقرارك بها، وقد أجَّلناك في أن تُخرَج من بلاد الإسلام. ثم إذا خرج فبلغ مأمنه قُتل إن قُدر عليه. هذا لفظه.

وحكى ابن المنذر والخطابي (٢) عن الشافعي أيضًا: أن عهده ينتقض بسبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقتل.

وأمَّا أصحابه فذكروا فيما إذا ذكر الله أو رسوله بسوء وجهين (٣):

أحدهما: ينتقض عهدُه بذلك سواءٌ شُرِط عليه تركه أو لم يشترط، كما إذا قاتلوا المسلمين أو امتنعوا من التزام الحكم؛ كطريقة أبي الحسين من أصحابنا، وهذه طريقة أبي إسحاق المروزي. ومنهم مَن خصَّ سبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدَه بأن يوجب القتل.

والثاني: أنَّ السبَّ كالأفعال التي على المسلمين فيها ضررٌ من قتل المسلم والزنا بالمسلمة والجسِّ وما ذكر معه. وذكروا في تلك الأمور وجهين:

أحدهما: أنَّه إن لم يشرط عليهم تركها بأعيانها لم ينتقض العهد بفعلها، وإن شرط عليهم تركها بأعيانها ففي انتقاض العهد بذلك وجهان.

والثاني: لا ينتقض العهد بفعلها مطلقًا.

ومنهم من حكى هذه الوجوه أقوالًا، وهي أقوالٌ مشارٌ إليها، فيجوز أن


(١) كذا في «الصارم»، وفي مطبوعة «الأم»: «تقدَّم لك أمانٌ بأدائك للجزية».
(٢) انظر: «الأوسط» (١٣/ ٤٨٣) و «معالم السنن» (٣/ ٢٩٦).
(٣) كما في «الصارم» (٢/ ٢٩ - ٣١).