للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فالمأمور به القتال إلى هذه الغاية (١)، فمن أين لكم القتل للمقدور (٢) عليه؟

فالجواب من وجوه:

أحدها: أنَّ كل مَن أُمِرنا بقتاله من الكفار فإنَّه يُقتَل إذا قدرنا عليه.

الثاني: أنَّا (٣) إذا كنَّا مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يَجُز أن نعقد لهم عهد الذِّمَّة بدونها، ولو عُقد لهم [كان] عقدًا فاسدًا.

الثالث: أنَّ الأصل إباحة دمائهم، يُمسِك عصمتها الحَبْلان: حبلٌ من الله بالأمر بالكفِّ عنهم، وحبلٌ من الناس بالعهد والعقد، ولم يوجد واحدٌ من الحبلين. أمَّا حبل الله سبحانه فإنَّه إنَّما اقتضى الأمر (٤) بالكفِّ عنهم إذا كانوا صاغرين، فمتى لم يوجد وصف الصَّغار المقتضي للكفِّ منهم وعنهم، فالقتلُ للمقدور (٥) عليه منهم والقتالُ للطائفة الممتنعة واجبٌ.

وأمَّا حبل الناس فلم يعاهدهم الإمامُ والمسلمون إلا على الكفِّ عمَّا فيه إدخال ضرر على المسلمين وغضاضة في الإسلام، فإذا لم يوجد فلا عهد لهم من الإمام ولا من الله، وهذا ظاهرٌ لا خفاء به.


(١) في الأصل: «فالمأثور ... العناية».
(٢) في الأصل والمطبوع: «المقدور»، والمثبت هو الصواب.
(٣) في الأصل: «أما»، تصحيف.
(٤) في الأصل: «الا»، نصف الكلمة.
(٥) في الأصل والمطبوع: «المقدور»، والمثبت هو الصواب.