للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} علَّةٌ أخرى لقتاله. فأمَّا على قراءة الكسر (١) فتكون الآية (٢) قد تضمَّنَت ذكر المقتضي للقتال ــ وهو نكث العهد والطعن في الدين ــ وبيانَ عدمِ المانع من القتال وهو الإيمان العاصِم (٣).

وأمَّا على قراءة فتح الألف فالأيمان جمع يمينٍ (٤). وهي أحسن القراءتين، لأنه قد تقدَّم في أول الآية قوله: {وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم}، فأخبر سبحانه عن سبب القتال ــ وهو نكث الأيمان والطعن في الدين ــ ثم أخبر أنه لا أيمان لهم تعصمهم من القتل، لأنهم قد نكثوها.

والمراد بالأيمان هنا العهود لا القسم بالله، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقاسمهم بالله عام الحديبية، وإنما عاهدهم، ونسخة الكتاب محفوظةٌ (٥) ليس فيها قسمٌ، وهذا لأن كلًّا من المتعاهدين يمدُّ يمينه إلى الآخر، ثم صار مجرد الكلام بالعهد يُسمَّى يمينًا، وإن لم يحصل فيه مدُّ اليمين. وقد قيل: سمِّي العهد يمينًا [لأنَّ اليمين] (٦) هي القوة والشدة، كما قال تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ


(١) أي: كسر همزة {أَيْمَانَ}، وهي قراءة ابن عامر وحدَه. انظر: «النشر» (٢/ ٢٧٨).
(٢) في الأصل: «الاسر»، تحريف.
(٣) هذا إذا كان الإيمان بمعنى الإيمان بالله ورسوله. ويحتمل أن يكون الإِيمان مصدر «آمَنَه» إذا أمَّنه، أي: أعطاه الأمان. فيكون المعنى: لا يُؤمَنون، أي: لا يجوز إعطاؤهم الأمانَ بعد نكثهم وطعنهم.
(٤) في الأصل: «بهن»!
(٥) في الأصل: «»، ولعله تصحيف عن المثبت. وفي «الصارم»: «معروفة».
(٦) ما بين الحاصرتين من «الصارم».