للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر أهل المغازي والتفسير مثلُ محمد بن إسحاق (١): أن كعب بن الأشرف كان موادعًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في جملة من وادعه من يهود المدينة، وكان عربيًّا من بني طيِّئ، وكانت أمه من بني النضير.

قالوا: فلمَّا قتل أهل بدر شقَّ ذلك عليه، وذهب إلى مكة ورثاهم لقريش، وفضَّل دين الجاهلية على دين الإسلام حتى أنزل الله فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ اَلْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَاَلطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ اَهْدَى مِنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥٠) أُوْلَئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اِللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: ٥٠ - ٥١]. ثم لما رجع إلى المدينة أخذ ينشد الأشعار [يهجو بها النبي - صلى الله عليه وسلم -] (٢) ويشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم، حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله»، وذكروا قصة قتله مبسوطةً.

وقال الواقدي (٣): حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن رومان ومعمر، عن الزهري، عن [ابن] كعب بن مالك؛ وإبراهيم بن جعفر، عن أبيه، عن جابرٍ ... وذكر القصة، قال: ففزعت يهود ومن معها من المشركين، فجاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أصبحوا فقالوا: قد طُرِق صاحبُنا الليلة وهو سيِّدٌ من ساداتنا، [قُتِل غِيلةً] بلا جرم ولا حدث علمناه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّه


(١) انظر: «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١) وما بعدها.
(٢) ما بين الحاصرتين من «الصارم».
(٣) «مغازي الواقدي» (١/ ١٨٤ - ١٩٢).