للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السدانة والسقاية وأهل الحرم، فقالا: أنتم أهدى من محمد وأصحابه، وهما يعلمان أنهما كاذبان. إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه، فأنزل الله فيهم: {أُوْلَئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اِللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: ٥١]، فلما رجعا إلى قومهما قال قومهما (١): إن محمدًا يزعم أنه قد نزل فيكما (٢) كذا وكذا، قالا: صدق واللهِ، ما حملَنا على ذلك إلا حسدُه وبغضُه (٣).

وهذان مرسلان من وجهين مختلفين، فيهما أن كلا الرجلين ذهب إلى مكة وقال ما قال، ثم إنهما قدما فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قتل ابن الأشرف وأمسك عن ابن أخطب، حتى نقض بنو النضير العهد فأجلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلحق بخيبر، ثم جمع عليه الأحزاب، فلما انهزموا دخل مع بني قريظة حصنهم حتى قتله الله معهم. فعُلِم أن الأمر الذي أتياه بمكة لم يكن هو الموجِب للندب إلى قتل ابن الأشرف. وإنما هو ما اختصَّ به ابنُ الأشرف من الهجاء ونحوه، وإن كان ما فعله بمكة مقويًّا لذلك (٤)، لكن مجرد الأذى لله ورسوله يوجب الندب إلى قتله كما نصَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «فإنه قد آذى الله ورسوله»، وكما بينه جابرٌ في حديثه.


(١) في الأصل: «قومهم»، والتصحيح من «الصارم».
(٢) في الأصل: «فيكم»، والمثبت من «الصارم».
(٣) أخرجه الطبري (٧/ ١٤٦) وابن المنذر (٢/ ٧٥٠) وابن أبي حاتم (٣/ ٩٧٧) والواحدي في «الأسباب» (ص ٢٩٤) من طرق عن يزيد بن زُريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. وهذا مرسل صحيح الإسناد.
(٤) في الأصل: «بذلك»، والمثبت أشبه.