للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرتُك بأمرٍ وإني أتقدَّم إليك الآن (١)، فإن عصيتَني نزعتُك: لا تبيعَنَّ لهم في خراجهم حمارًا ولا بقرةً ولا كسوةً، شتاءً ولا صيفًا، وارْفُق بهم، وافعَلْ بهم وافعَلْ بهم.

قال (٢): وحدثني الفضل بن دُكَينٍ، عن سعيد بن سِنانٍ، عن عنترة قال: كان عليٌّ يأخذ الجزية من كل ذي صَنْعةٍ، من صاحب الإبَرِ إبرًا، ومن صاحب المَسَالّ مَسَالّ، ومن صاحب الحبال حبالًا، ثم يدعو العُرفاء فيعطيهم الذهب والفضة فيقتسمونه، ثم يقول: خذوا هذا فاقتسموه، فيقولون: لا حاجةَ لنا فيه، فيقول: أخذتم خِياره وتركتم عليَّ شِراره؟ لتَحمِلُنَّه!

قال أبو عبيد (٣): وإنما توجَّه هذا من علي - رضي الله عنه - أنه إنما كان يأخذ منهم هذه الأمتعة بقيمتها من الدراهم التي عليهم من جزية رؤوسهم، ولا يحمِلُهم على بيعها ثم يأخذ ذلك من الثمن إرادةَ الرفقِ بهم والتخفيفِ عليهم.

قال: ومثل هذا حديث معاذٍ - رضي الله عنه - حين قال باليمن: ائتوني بخميسٍ أو لَبِيسٍ (٤) آخذه منكم مكانَ الصدقة، فإنه أهونُ عليكم وأنفعُ للمهاجرين


(١) أي: إن الأمر السابق كان ليُسمِع القومَ الذين ولَّاه عليهم، ولفظه في رواية ابن زنجويه: "إنما قلتُ لك الذي قلتُ لأُسمِعهم".
(٢) "الأموال" (١٢١)، وقد تقدَّم.
(٣) "الأموال" (١/ ١٠٢).
(٤) الخميس: الثوب الذي طولُه خمسُ أذرع. قيل: سُمِّي خميسًا لأن أول من عمله ملكٌ باليمن يقال له الخِمْس. واللبيس: الثوب الذي أُكثِر لُبسُه فأَخلقَ. وانظر: "فتح الباري" (٣/ ٣١٢). وفي المطبوع: "بحميس" بالحاء وشرحه في الهامش بأنه التنور، وهو خطأ.