للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فظنَّ أن دم مثل هذا معصومٌ بذمةٍ متقدمةٍ (١) أو بظاهر الأمان، وذلك نظير الشبهة التي عرضت لبعض الفقهاء حين ظنَّ أن العهد لا ينتقض بذاك.

فروى ابن وهبٍ: أخبرني سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيد أخي سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه، عن عباية قال: ذُكِر قتل ابن الأشرف عند معاوية، فقال ابن يامين: كان قتله غدرًا، فقال محمد بن مسلمة: يا معاوية أيُغدَّرُ عندك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تنكر؟! والله لا يظلني وإياك سقف بيت أبدًا! ولا يخلو لي دمُ هذا إلا قتلتُه! (٢)

قال الواقدي (٣): حدثني إبراهيم بن جعفرٍ، عن أبيه قال: قال مروان بن الحكم ــ وهو على المدينة ــ وعنده ابن يامين النَّضَري (٤): كيف كان قتل ابن الأشرف؟ فقال ابن يامين: كان غدرًا، ومحمد بن مسلمة جالسٌ وهو شيخٌ كبيرٌ، فقال يا مروان: أيُغَدَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندك؟! والله ما قتلناه إلا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله لا يؤويني وإياك سقف بيت إلا المسجد. وأما أنت يا ابنَ يامين فللّهِ عليَّ إن أفلتَّ ولا قدرتُ (٥) عليك، وفي يدي سيفٌ إلا ضربتُ


(١) «متقدمة» سقطت من المطبوع.
(٢) أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» عقب (٢٠٠) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٣/ ١٩٣) من طريق ابن وهب به. وأخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (٧) ــ ومن طريقه ابن عساكر في «التاريخ» (٥٥/ ٢٧٥) ــ من طريقين آخرين عن ابن عيينة به.
(٣) في «مغازيه» (١/ ١٩٢) ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٥/ ٢٧٥).
(٤) في الأصل: «النظري»، تصحيف. النَّضَري ــ ويقال: النضيري ــ نسبة إلى بني النضير.
(٥) كذا في الأصل، وكذا في عامَّة نسخ «الصارم» الخطية وبعض نسخ «مغازي الواقدي» (كما نبَّه عليه محققو الكتابين)، ولكن في مطبوعات الكتب الثلاثة حُذِفت «لا» ظنًّا أنه خطأ وتحريف. وليس كذلك فالمراد: لله عليَّ إن أفلتَّ مني الآن ولم أقدر عليك، ثم صادفتك فيما بعدُ وفي يدي سيف إلا ضربتُ به رأسك.