للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان البلوغ والإفاقة في أولِ حَوْلِ قومه أُخِذت منه الجزية في آخره معهم، وإن كان في أثنائه أُخِذ منه في آخره بقِسْطِه، ولم يُترَكْ حتى يَتمَّ حولُه لئلا يُحتاجَ إلى إفراده بحول وضَبْطِ حولِ كلِّ واحدٍ منهم، وذلك يُفضِي إلى أن يصير لكلِّ واحدٍ حولٌ مفردٌ.

وقال أصحاب مالك (١): وإذا بلغ الصبي أُخِذتْ منه عند بلوغه، ولم يُنتظر مرورُ الحول بعد بلوغه.

ووجهُ هذا أن بلوغه بمنزلة حصول العقد مع قومه.

وإذا صُولحوا أُخِذت منهم الجزية في الحال، ثم تُؤخذ منهم بعد ذلك لكل عامٍ، كما فعلَ معاذٌ بأهل اليمن، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره حين بعثه إليهم أن يأخذ من كل حالمٍ دينارًا، ثم استمر ذلك مؤجَّلًا. وهكذا فعل لما صالح أُكيدِرَ دُومةَ، وهكذا فعل خلفاؤه من بعده، كانوا يأخذون الجزية من الكفار حينَ الصلح، ثم يؤجِّلونها كلَّ عامٍ. وهذا الذي أوجب لأبي حنيفة أن قال: تجب بأول الحول (٢).

فصل (٣)

ومن كان يُجَنُّ ويُفِيقُ فله ثلاثة أحوالٍ:

أحدها: أن يكون جنونُه غيرَ مضبوطٍ، فهذا يُعتبر أغلبُ أحواله، فيجعل


(١) "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٤٨٧).
(٢) كما في "الاختيار لتعليل المختار" (٤/ ١٣٧).
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٢١٨).