للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللشافعي ثلاثة أقوالٍ (١) هذا أحدها.

والثاني: يجب عليه، وعلى هذا فله (٢) قولان:

أحدهما: أنه يخرج من بلاد الإسلام، أو لا سبيل إلى إقامته في دار الإسلام بغير جزيةٍ.

والثاني: تستقرّ في ذمته، وتُؤخذ منه إذا قدر عليها.

والصحيح أنها لا تجب على عاجزٍ عنها، فإن الله لا يكلِّف نفسًا إلا وُسْعَها، وإنما فرضَها عمر - رضي الله عنه - على الفقير المعتمل لأنه يتمكَّن من أدائها بالكسب، وقواعد الشريعة كلُّها تقتضي أن لا تجب على عاجزٍ كالزكاة والدية والكفارة والخراج، ولا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، ولا واجبَ مع عَجْزٍ ولا حرامَ مع ضرورةٍ.

فإن قيل: نحن لا نكلِّفه بها في حال إعساره، بل تستقرُّ دينًا في ذمته، فمتى أيسرَ طُولِب بها لما مضى كسائر الديون.

قيل: هذا مفعول (٣) في ديون الآدميين، وأما حقوق الله تعالى فإنه إنما أوجبها على القادرين دون العاجزين.

فإن قيل: الجزية أجرةٌ عن سكنى الدار، فتستقرُّ في الذمة.


(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٣٠٠، ٣١٣).
(٢) "فله" ساقطة من المطبوع.
(٣) في المطبوع: "معقول" خلاف الأصل.