للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسأل عمر عن ذلك عِراكَ بن مالكٍ ــ وعبدُ الرحمن يسمع ــ فقال: ما سمعتُ لهم بعَقْدٍ ولا عهدٍ، إنما أُخِذوا عَنوةً بمنزلة الصيد. فكتب عمر إلى حيَّان بن سُرَيج يأمره أن يجعل جزية الأموات على الأحياء. وكان حيَّان والِيَه على مصر (١).

قال (٢): وقد رُوي من وجهٍ آخر عن مَعقِل بن عبيد الله عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ليس على من مات ولا من أَبَقَ جزيةٌ. يقول: لا تؤخذ من ورثته بعد موته، ولا يجعلها بمنزلة الدَّين، ولا تؤخذ من أهله إذا هرب عنهم منها، لأنهم لم يكونوا ضامنين لذلك.

قال الآخذون لها (٣): هي دَينٌ وجب عليه في حياته فلم يسقط بموته، كديون الآدميين.

قال المُسقِطون: هي عقوبةٌ، فتسقط بالموت كالحدود؛ ولأنها صغارٌ وإذلالٌ فزال بزوال محلّه. وقولكم: "إنها دَينٌ فلا تسقط بالموت" إنما يتأتَّى على (٤) أصلِ من لا يُسقِطها بالإسلام، وأما من أسقطها بالإسلام فلا يصحُّ


(١) "الأموال" (١٣١).
(٢) أي أبو عبيد برقم (١٣٢). وقد وصله ابن أبي شيبة (٣٣٣١٢) بلفظ: "لا يؤخذ من أهل الكتاب إلا صلب الجزية، ولا تؤخذ من فارٍّ، ولا من ميت، ولا يؤخذ أهلُ الأرض بالفارّ".
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٢٢).
(٤) في الأصل: "عند".