للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون (١) بيعَها. فهذا الذي أنكره بلالٌ ونهى عنه عمر، ثم رخَّص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهل الذمة المتولِّين لبيعها، لأن الخمر والخنازير مالٌ من أموال أهل الذمة، ولا يكون مالًا للمسلمين.

ومما يبيِّن ذلك ما حدَّثني عليُّ بن مَعبدٍ، عن عبيد الله بن عمرٍو، عن ليث بن أبي سُليمٍ، أن عمر كتب إلى العُمَّال يأمرهم بقتل الخنازير، وتُقتَصُّ (٢) أثمانُها لأهل الجزية من جزيتهم (٣).

قال أبو عبيد: فهو لم يجعلها قِصاصًا من الجزية إلا وهو يراها مالًا من أموالهم. فإذا مرَّ الذميُّ بالخمر والخنازير على العاشر فإنه لا يَطِيب له أن يَعشُرها، ولا يأخذَ ثمنَ العُشْر منها وإن كان الذميُّ هو المتولِّي لبيعها أيضًا. وهذا ليس من الباب الأول ولا يُشبِهه، لأن (٤) ذلك حقٌّ وجب على رقابهم وأرضهم. والعُشر هاهنا إنما هو شيء يوضع على الخمر والخنازير أنفُسِها، فلذلك ثمنُها لا يطيب، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثمنَه" (٥).


(١) في الأصل: "المسلمين".
(٢) في الأصل: "يقضي". والتصويب من "الأموال".
(٣) "الأموال" (١٣٥)
(٤) في الأصل: "ان".
(٥) أخرجه أحمد (٢٦٧٨) وأبو داود (٣٤٨٨) وابن حبان (٤٩٣٨) والضياء في "المختارة" (٩/ ٥١١) من حديث ابن عباس بإسناد صحيح.