للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلهم (١).

واختُلِف في مأخذ هذا القول فقالت طائفةٌ: لم يتحقق دخولهم في الدين قبل التبديل، فلا يثبت لهم حكم أهل الكتاب (٢). وهذا المأخذ جارٍ على أصل الشافعي، وقد عرفتَ ما فيه.

وقالت طائفةٌ أخرى: إنهم لم يدينوا بدين أهل الكتاب، بل انتسبوا إليه ولم يتمسكوا به عملًا. وهذا مأخذ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فإنه قال: إنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر (٣). وهذا المأخذ أصح وأفقه.

والقول الثاني: أنه تحلُّ مناكحتهم وذبائحهم، وهذا هو الصحيح عن أحمد، رواه عنه الجماعة، وهو آخر الروايتين عنه. قال إبراهيم بن الحارث: وكان آخر قوله أنه لا يرى بذبائحهم بأسًا (٤).

وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - (٥)، وروي نحوه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (٦)، وبه قال الحسن والنخعي والشعبي وعطاءٌ الخراساني والحكم


(١) انظر: "الأم" (٣/ ٦٠٦).
(٢) "المهذب" (١/ ٤٥٧).
(٣) جزء من أثر عليٍّ الذي سبق تخريجه آنفًا.
(٤) "الجامع" للخلال (٢/ ٤٤٠).
(٥) أخرجه مالك في "الموطأ" (١٤٠٧)، وابن أبي شيبة (١٦٤٥١) والطبري في "تفسيره" (٨/ ١٣٠، ١٣٢) وفي "تهذيب الآثار" (ص ٢٢٨ - مسند علي)، من طرق عنه.
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبير" (٩/ ٢١٦، ٢٨٤).