للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقيقة أمر دينهم، فتوقف في ذلك، ثم بان له أنهم من جملة أهل الكتاب، فرجع إلى ذلك وألحقهم بهم (١).

وهذا الذي قاله المروزي هو الصواب المقطوع به، وغَلِط من قال: لا يقرون بالجزية ويقر المجوس بها لأن لهم شبهة كتابٍ. وهذا من العجب أن يُقَرَّ قومٌ يعبدون النار، ويعتقدون أن للعالم إلهينِ اثنين النور والظلمة، ولا يؤمنون ببعثٍ ولا نشورٍ، ولا أن الله يبعث من في القبور، ويرون نكاح الأمهات والبنات، ولا يؤمنون برسولٍ ولا يحرِّمون شيئًا مما يحرِّمه الأنبياء؛ ولا يُقَرُّ السامرة بالجزية مع أنهم يؤمنون بموسى والتوراة، ويَدينون بها، ويؤمنون بالمعاد والجنة والنار، ويصلُّون صلاة اليهود ويصومون صومهم، ويستنُّون بسنتهم، ويقرؤون التوراة، ويحرِّمون ما يحرِّمه اليهود، ولا يخالفون اليهود في التوراة ولا في موسى وإن خالفوهم في الإيمان بالرسل، فإن السامرة لا يؤمنون بنبي غير موسى وهارون ويوشع وإبراهيم فقط، ويخالفونهم في القبلة، فاليهود تصلِّي إلى بيت المقدس، والسامرة تصلِّي إلى جبل عزون (٢) ببلد نابلوس،


(١) "نهاية المطلب" (١٨/ ١٢).
(٢) كذا في الأصل، وفي "الملل والنحل" للشهرستاني (ص ٢٢٠): "غريزيم". ويقال: "جريزيم"، وفي الترجمة العربية للعهد القديم: "جرزيم". وهو جبل يقع جنوبي مدينة نابلس، وتسكن الطائفة السامرية على قمته. انظر: "خطط الشام" لكرد علي (٦/ ٢١٤). أما عزون فهي بلدة في الضفة الغربية جنوبي مدينة نابلس. وانظر عن "السَّامرة": "مروج الذهب" (١/ ٥٩) و"الفصل" (١/ ٨٢)، و"المواعظ والاعتبار" (٤/ ٣٨٤، ٣٨٥). ومناظرة المؤلف مع أحدهم في "بدائع الفوائد" (٤/ ١٦٠٦، ١٦٠٧).