للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جريب القصب ستة دراهم، وعلى جريب النخل ثمانيةً، وعلى جريب الكَرْم عشرةً (١).

هذا ما حكاه أبو عبيد. قال أحمد (٢): أعلى وأصح حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمونٍ.

وهذا الاختلاف عن عمر - رضي الله عنه - يدلُّ على أن الخراج ليس بمقدَّرٍ شرعًا بحيث لا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان، بل هو باعتبار الطاقة. ويجب أن يكون وضع الخراج مُراعًى في كل أرضٍ بحسب ما تحتمله، وذلك يختلف من جهة جودة الأرض ورداءتها ومن جهة الزرع والشجر، فإن منه ما تكثر قيمته ومنه ما تَقِلُّ، ومن جهة خفَّة مؤونة السقي وكثرتها، فإن منها ما يشرب بالدَّوالي والنَّواضِح (٣)، ومنها ما يشرب بالأمطار والأنهار، فلا بدَّ لواضع الخراج من اعتبار هذه الأوصاف، ليعلم قدر ما تحتمله الأرض، فيقصد العدل في وضعه، فلا يُجحِف بأربابها ولا بمستحقي الخراج. ويجب عليه أن يدعَ لأرباب الأرض بقيةً يَجْبُرون بها النوائب والجوائح، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في خرص الثمار في الزكاة أن يترك لأهل النخل الثلث أو الربع (٤)،


(١) تقدَّم.
(٢) كما في "الأحكام السلطانية" (ص ١٦٦).
(٣) الدوالي جمع دالية، وهي الناعورة أو الساقية يديرها الماء أو الحيوان. والنواضح جمع ناضح، دابة يُستقى عليها.
(٤) كما عند أحمد (١٥٧١٣) وأبي داود (١٦٠٥) والترمذي (٦٤٣) والنسائي (٢٤٩١) وابن خزيمة (٢٣١٩) وابن حبان (٣٢٨٠) والحاكم (١/ ٤٠٢) من حديث عبد الرحمن بن مسعود بن نيار عن سهل بن أبي حثمة مرفوعًا.

وعبد الرحمن هذا لم يوثِّقه معتبر، وبه أعل الحديث ابنُ القطان في "بيان الوهم" (٤/ ٢١٥) والألباني في "ضعيف أبي داود - الأصل" (٢/ ١١٥). ثم إنه قد خولف في رفعه، فقد أخرجه مسدد (٩٢٢ - المطالب) والحاكم (١/ ٤٠٣) والبيهقي (٤/ ١٢٤) من طريق بُشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة عن عمر أنه قال له لمَّا بعثه إلى خرص التمر: إذا أتيتَ أرضًا فَاخْرِصْها ودَعْ لهم قدر ما يأكلون. قال الحافظ في "المطالب": إسناده صحيح.