للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخراج الذي هو أخو الجزية وشقيقها ورضيعُ لبنها على خيرِ بقاع الله وأحبِّها إلى الله، ودارِ النُّسك، ومتعبَّدِ الأنبياء، وقريةِ رسول الله التي أخرجته، وحرَمِ رب العالمين وأمْنِه ومحلِّ بيته، وقبلةِ أهل الأرض.

قال أبو عبيد (١): صحت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه افتتح مكة وأنه منَّ على أهلها، فردَّها عليهم، فلم يقسِمْها ولم يجعلها فيئًا. فرأى بعض الناس أن هذا الفعل جائزٌ للأئمة بعده. ولا نرى مكة يشبهها (٢) شيء من البلاد من جهتين:

إحداهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد خصَّه الله من الأنفال والغنائم بما لم يجعله لغيره، وذلك لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١]، فنرى هذا كان خاصًّا له.

والجهة الأخرى: أنه قد سنَّ لمكة سُننًا لم يَسُنَّها (٣) لشيء من سائر البلاد.

حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجرٍ عن يوسف بن ماهَك عن أمِّه (٤) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت يا رسول الله، ألا


(١) "الأموال" (١/ ١٢٩).
(٢) في الأصل: "بستها" تحريف. والتصويب من "الأموال".
(٣) في الأصل: "من لمكة سببًا لم يسببها" تحريف. والتصويب من المصدر المذكور.
(٤) في الأصل: "عن أبيه". والتصويب من "الأموال" وبقية المصادر.