ما سواه؛ لأنه السالم من كل آفةٍ وعيبٍ ونقصٍ وذمٍّ، فإن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وكمالُه من لوازم ذاته، فلا يكون إلا كذلك. والسلام يتضمن سلامةَ أفعاله من العبث والظلم وخلافِ الحكمة، وسلامةَ صفاته من مشابهة صفات المخلوقين، وسلامةَ ذاته من كل نقصٍ وعيبٍ، وسلامةَ أسمائه من كل ذمّ. فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له وسلْبَ جميع النقائص عنه، وهذا معنى "سبحان الله والحمد لله". ويتضمن إفراده بالألوهية وإفراده بالتعظيم، وهذا معنى "لا إله إلا الله والله أكبر". فانتظم اسم "السلام" الباقياتِ الصالحاتِ التي يُثنى بها على الرب جل جلاله.
ومن بعض تفاصيل ذلك أنه الحيّ الذي سَلِمتْ حياته من الموت والسِّنَة والنوم والتغير، القادر الذي سلمتْ قدرته من اللغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد، العليم الذي سلِمَ علمُه أن يعزُبَ عنه مثقالُ ذرةٍ أو يغيبَ عنه معلومٌ من المعلومات، وكذلك سائر صفاته على هذا.
فرضاه سبحانه سلامٌ أن ينازعه الغضب، وحلمه سلامٌ أن تُنازعه العَجلةُ، ورحمته سلام أن تنازعها العقوبة، وعفوه سلام أن (١) ينازعه الانتقام، وإرادته سلامٌ أن ينازعها الإكراه، وقدرته سلامٌ أن ينازعها العجز، ومشيئته سلامٌ أن ينازعها خلاف مقتضاها، وكلامه سلامٌ أن يَعرِض له كذِبٌ أو ظلمٌ، بل تمَّت كلماته صدقًا وعدلًا، ووعده سلامٌ أن يلحقه خُلْفٌ، وهو سلامٌ أن يكون قبله شيء أو بعده شيء أو فوقه شيء أو دونه شيء، بل هو
(١) "تنازعه العجلة ... وعفوه سلام أن" ساقطة من المطبوع.