للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمينٌ (١) مباركةٌ، كذلك أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله كلها خيرٌ، وصفاته كلها كمالٌ. وقد جعل سبحانه السلام تحيةَ أوليائه في الدنيا وتحيتَهم يوم لقائه، ولمَّا خلق آدم وكمل خلقه فاستوى قال الله له: "اذهَبْ إلى أولئك النفر من الملائكة فاستمعْ ما يُحيُّونك به، فإنها تحيتُك وتحيةُ ذريتك مِن بعدك" (٢).

وقال تعالى: {لَهُمْ دَارُ اُلسَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ} [الأنعام: ١٢٨]، وقال: {وَاَللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ اِلسَّلَامِ} [يونس: ٢٥].

وقد اختلف في تسمية الجنة بدار السلام، فقيل: السلام هو الله، والجنة داره. وقيل: السلام هو السلامة، والجنة دار السلامة من كل آفةٍ وعيبٍ ونقصٍ. وقيل: سميت دار السلام؛ لأن تحيتهم فيها سلامٌ. ولا تَنافِيَ بين هذه المعاني كلها (٣).

وأما قول (٤) المسلم: السلام عليكم، فهو إخبارٌ للمسلَّم عليه بسلامته من غيلة المسلِّم وغِشِّه ومكرِه ومكروهٍ يناله منه، فيردُّ الرادُّ عليه مثل ذلك، أي: فعلَ الله ذلك بك وأحلَّه عليك.

والفرق بين هذا الوجه وبين الوجه الأول: أنه في الأول خبرٌ، وفي الثاني طلبٌ.


(١) كما في حديث عبد الله بن عمرو الذي أخرجه مسلم (١٨٢٧).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٢٦) ومسلم (٢٨٤١) من حديث أبي هريرة.
(٣) انظر: "حادي الأرواح" للمؤلف (١/ ١٩٤، ١٩٥).
(٤) هذا الوجه الثاني، وما تقدم كان الوجه الأول.