للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعمالٍ، كالسجود وتقبيل الأيدي وضرْب الجُوك (١)، وقول بعضهم: انعمْ صباحًا، وقول بعضهم: عِشْ ألفَ عامٍ ونحو ذلك. فشرعَ الله تبارك وتعالى لأهل الإسلام "سلامٌ عليكم"، وكانت أحسنَ من جميع تحيات الأمم بينها، لتضمُّنِها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها، فهي الأصل المقدَّم على كل شيء.

وانتفاع العبد بحياته إنما يحصل بشيئين: بسلامته من الشر وحصول الخير، والسلامة من الشر مقدَّمةٌ على حصول الخير وهي الأصل، فإن الإنسان ــ بل وكل حيوانٍ ــ إنما يهتمُّ بسلامته أولًا وغنيمته ثانيًا. على أن السلامة المطلقة تتضمن حصول الخير، فإنه لو فاته حصل له الهلاك والعطب أو النقص، ففوات الخير يمنع حصول السلامة المطلقة، فتضمنت السلامةُ نجاةَ العبد من الشر وفوزَه بالخير، مع اشتقاقها من اسم الله.

والمقصود أن السلام اسمه ووصفه وفعله، والتلفظ به ذكرٌ له، كما في "السنن" (٢) أن رجلًا سلَّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يردَّ عليه، حتى تيمَّم وردَّ عليه،


(١) الجوك (معرَّب «چوك» بالفارسية): الفخذ. وضرب الجوك نوع من البروك والجثوّ عند الترك والمغول في حضرة ملوكهم. انظر: المعجم الفارسي "برهان قاطع" (٢/ ٦٧٠)، و"تكملة المعاجم العربية" (٢/ ٣٥١).
وعلق عليه في المطبوع: لعله "الجنوك" جمع جنك، آلة يُضرب بها كالعود والدف. وهو بعيد ومخالف لما في الأصل و"زاد المعاد" (٣/ ٣٩٩).
(٢) لأبي داود (١٧)، والنسائي (٣٨) وابن ماجه (٣٥٠)، أخرجه أيضًا أحمد (١٩٠٣٤) والدارمي (٢٦٨٣) وابن خزيمة (٢٠٦) وابن حبان (٨٠٣) والحاكم (١/ ١٦٧)، من حديث المهاجر بن قُنفذ - رضي الله عنه - بإسناد صحيح، إلا أن لفظه: "فلم يردَّ عليه حتى توضأ". وأمَّا ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم ثمَّ ردَّ عليه ففي حديث أبي الجهم عند مسلم (٣٦٩) وغيره، ولكن ليس فيه اعتذاره إليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كرهت ... ".