للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُولِّي في (١) اليوم الواحد عدةً، فكلما ولَّيتَ رجلًا عزلْتَ آخر (٢).

فصل

وأما المهدي، فإن أهل الذمة في زمانه قويتْ شوكتهم، فاجتمع المسلمون إلى بعض الصالحين، وسألوه أن يُعرِّفه بذلك وينصحه، وكان له عادةٌ في حضور مجلسه، فاستُدْعِي للحضور عند المهدي فامتنع، فجاء المهدي إلى منزله وسأله السبب في تأخره، فقصَّ عليه القصة، وذكر اجتماع الناس إلى بابه متظلِّمين من ظلم الذمة، ثم أنشده (٣):

بأبي وأمي ضاعت الأحلام ... أم ضاعت الأذهانُ والأفهام؟

من صدَّ عن دين النبي محمدٍ ... ألهُ بأمر المسلمين قيام؟

إن لا تكنْ أسيافُهم مشهورةً ... فينا، فتلك سيوفُهم أقلام

ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنك تحمَّلت أمانةَ هذه الأمة وقد عُرِضت على السماوات والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنها، ثم سلَّمتَ الأمانةَ التي خصَّك الله بها إلى أهل الذمة دون المسلمين! يا أمير المؤمنين، أما سمعت تفسير جدِّك لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: ٤٨]، إن الصغيرة التبسم، والكبيرة


(١) في الأصل: "من".
(٢) أسنده أبو نُعيم في "فضيلة العادلين من الولاة" (٤٦) بنحوه.
(٣) الشعر مع الخبر في "حسن السلوك" (ص ١٦٣، ١٦٤)، و"المذمة" (ص ٢٨٠، ٢٨١).