للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في رواية إسحاق بن منصورٍ (١): ليس لليهودي والنصراني شفعةٌ، قيل: ولم؟ قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" (٢).

وهذا مذهب شريحٍ والحسن والشعبي (٣).

واحتج الإمام أحمد بثلاث حججٍ:

إحداها: أن الشفعة من حقوق المسلمين بعضهم على بعضٍ، فلا حقَّ للذمي فيها. ونكتة هذا الاستدلال أن الشفعة من حق المالك، لا من حق المِلْك.

الحجة الثانية: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبدؤوا اليهودَ والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطَرُّوهم إلى أضيقِه" (٤). وتقرير الاستدلال من هذا أنه لم يجعل له حقًّا في الطريق المشترك عند تزاحمهم مع المسلمين، فكيف يجعل لهم حقًّا إلى انتزاع ملك المسلم منه قهرًا؟ بل هذا تنبيهٌ على المنع من انتزاع الأرض من يد المسلم وإخراجه منها لحقِّ الكافر، لنفي ضرر الشركة عنه، وضررُ الشركة على الكافر أهونُ عند الله من تسليطه على إزالة مِلْك المسلم عنه قهرًا.


(١) المصدر نفسه (٣٣٠).
(٢) حديث حسن، تقدم تخريجه (٢٤٧، ٢٤٨).
(٣) انظر: "المغني" (٧/ ٥٢٤). وفيه: روي ذلك عن الحسن والشعبي. ورُوي عن شريح أن له الشفعة.
(٤) أخرجه مسلم (٢١٦٧) من حديث أبي هريرة.