للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسوله، فيجوز أن يقف على معيَّنٍ منهم أو على أقاربه وبني فلانٍ ونحوه، ولا يكون الكفر موجبًا وشرطًا في الاستحقاق ولا مانعًا منه، فلو وقف على ولده أو أبيه أو قرابته استحقوا ذلك وإن بَقُوا على كفرهم، فإن أسلموا فأولى بالاستحقاق. وكذلك إن وقف على مساكينهم وفقرائهم وزَمْناهم ونحو ذلك استحقوا وإن بَقُوا على كفرهم، فإن أسلموا فأولى بالاستحقاق.

وأما الوقف على كنائسهم وبِيَعِهم ومواضع كفرهم التي يقيمون فيها شعار الكفر فلا يصح من كافرٍ ولا مسلم، فإن في ذلك أعظم الإعانة لهم على الكفر والمساعدة والتقوية عليه، وذلك منافٍ لدين الله.

وللإمام أن يستولي على كل وقفٍ وُقِف على كنيسةٍ أو بيت نارٍ أو بِيعةٍ، كما له أن يستولي على ما وقف على الحانات والخمَّارات وبيوت الفسق، بل أولى؛ فإن بيوت الكفر أبغض إلى الله ورسوله من بيوت الفسق، وشعار الكفر أعظم من شعار (١) الفسق، وأضرُّ على الدين.

وإن كنا نُقِرُّ بيوت الكفر الجائز إقرارها ولا نقرُّ بيوت الفسق، فما ذاك لأنها أسهلُ منها وأهونُ، بل لأن عقد الذمة اقتضى إقرارَهم عليها، كما نقرُّ الكافر على كفره ولا نقرُّ الفاسق على فسقه. فللإمام أن ينتزع تلك الأوقاف ويجعلها على القربات، ونحن لم نقرَّ أهل الذمة في بلاد الإسلام على أن يتملَّكوا أرض المسلمين ودورهم، ويستعينوا بها على شعار الكفر.


(١) في المطبوع: "شعائر" خلاف الأصل.