للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا مذهب الشافعي أيضًا. قال الشيخ في "المغني" (١): ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لأنّ ما لا يصح من المسلم الوقفُ عليه لا يصح من الذمي، كالوقف على غير معيَّنٍ.

قال (٢): فإن قيل: فقد قلتم: إن أهل الكتاب إذا عقدوا عقودًا فاسدةً وتقابضوا، ثم أسلموا وترافعوا إلينا، لم ننقُضْ ما فعلوه، فكيف أجزتم الرجوعَ فيما وقفوه على كنائسهم؟

قلنا: الوقف ليس بعقد معاوضةٍ، وإنما هو إزالةٌ للمِلْك في الموقوف على وجه القربة، فإذا لم يقع صحيحًا لم يَزُلِ المِلْك، فبقي بحاله كالعتق.

قال: وقد روي عن أحمد (٣) في نصراني أشهدَ في وصيته أن غلامه فلانًا يخدم البِيْعة خمس سنين ثم هو حرٌّ، ثم مات مولاه وخدم سنةً ثم أسلم، ما عليه؟ قال: هو حرٌّ، ويرجع على الغلام بأجرة خدمة مبلغ أربع سنين. وروي عنه (٤) أنه حرٌّ ساعةَ مات مولاه؛ لأن هذه معصيةٌ.

قال: وهذه الرواية أصح وأوفق لأصوله. ويحتمل أن قوله: "يرجع عليه بخدمة أربع سنين" لم يكن لصحة الوصية، بل لأنه إنما أعتقه بعوضٍ


(١) (٨/ ٢٣٥).
(٢) المصدر السابق، والكلام متصل بما قبله.
(٣) كما في "الجامع" للخلال (٢/ ٤٢٨) من رواية عبد الله ابنه عنه.
(٤) كما في رواية أبي طالب عنه في المصدر السابق (٢/ ٤٢٨).