للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويفارق الأخرى (١). ولو كانت أنكحتهم فاسدةً لم يأمر بالإمساك في النكاح الفاسد، ولا رتَّب عليه شيئًا من أحكام النكاح. ولم ينصَّ أحدٌ من أئمة الإسلام على بطلان أنكحة الكفار، ولا يمكن أحدًا أن يقول ذلك.

وإنما اختلف الناس في مسألتين:

إحداهما: في الكافر يطلِّق امرأته ثلاثًا، هل يصح طلاقه أم لا؟

الثانية: في المسلم يطلِّق الذمية ثلاثًا، فتنكح ذميًّا، ثم يفارقها الثاني، فهل تحلُّ للأول؟

فأما المسألة الأولى: وهي وقوع الطلاق، فلا يخلو إما أن يعتقد الكافر نفوذ الطلاق أو لا يعتقده (٢)، فإن اعتقده نفذَ طلاقُه، ولم يكن الإسلام شرطًا في نفوذه. هذا مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه. وقال مالك: الإسلام شرطٌ (٣) في وقوع الطلاق.

واحتج الجمهور بأن أنكحتهم صحيحةٌ كما تقدم، فإذا صح النكاح نفذ فيه الطلاق، فإنه حكمٌ من أحكام النكاح، فترتب عليه كسائر أحكامه، من التوارث والحلّ وثبوت النسب وتحريم المصاهرة وسائر أحكامه، وقد قال تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ اَلنِّسَا} [النساء: ٢٢] فسماه نكاحًا وأثبت به تحريم المصاهرة، وكان الظهار يعدُّه أهل الجاهلية طلاقًا،


(١) سيأتي لفظ الحديثين وتخريجهما (ص ٤٧١، ٤٧٢).
(٢) سيأتي الكلام على ما إذا كان لا يعتقد وقوع الطلاق (ص ٤٣٤).
(٣) في الأصل: "شرطا".