للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المبطلون لأنكحتهم: هذا قول عبد الرحمن بن عوفٍ، ولا مخالفَ له من الصحابة، وقد أقره عمر على هذا القول، فقال أبو محمد بن حزمٍ (١): روينا من طريق قتادة أن رجلًا طلق امرأته تطليقتين في الجاهلية، وطلقةً في الإسلام، فسأل عمر، فقال: لا آمرك ولا أنهاك، فقال له عبد الرحمن بن عوفٍ: لكني آمرك، ليس طلاقك في الشرك بشيء (٢).

قال: وبهذا كان يفتي قتادة. وصحَّ عن الحسن وربيعة، وهو قول مالك وأبي سليمان (٣)، وأصحابهما.

قالوا: وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" (٤): "أُوصيكم بالنساء خيرًا، فإنكم أَخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فُروجَهن بكلمة الله".

قالوا: ووجه الدليل أن كلمة الله هي قوله: {فَاَنكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَلنِّسَاءِ} [النساء: ٣]، فأخبر أن الحلّ كان بهذه الكلمة، فكلمة الله هي إباحته للنكاح، أو أراد بكلمة الله الإسلام، وما يقتضيه من شرائط النكاح، فدل على أن الفروج لا تُستباح بغير كلمة الإسلام.

قالوا: وأيضًا فكل آيةٍ أباحت النكاح في كتاب الله سبحانه فالخطاب بها


(١) "المحلى" (١٠/ ٢٠٢).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٢٦٨٩) عن معمر عن قتادة به. وهو مرسل.
(٣) هو داود الظاهري.
(٤) برقم (١٢١٨/ ١٤٧) من حديث جابر في خطبة عرفة.