للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت طائفةٌ: متى أسلمت المرأة انفسخ نكاحها منه، سواءٌ كانت كتابيةً أو غير كتابيةٍ، سواءٌ أسلم بعدها بطَرْفة عينٍ أو أكثر، ولا سبيلَ له عليها إلا بأن يسلما معًا في آنٍ واحدٍ، فإن أسلم هو قبلها انفسخ نكاحها ساعة إسلامه، ولو أسلمت بعده بطرفة عينٍ. هذا قول جماعةٍ من التابعين وجماعةٍ من أهل الظاهر، وحكاه أبو محمد بن حزمٍ (١) عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وحماد بن زيدٍ والحكم بن عتيبة (٢) وسعيد بن جبيرٍ وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وعدي بن عدي وقتادة والشعبي.

قلت: وحكاية ذلك عن عمر بن الخطاب غلطٌ عليه، أو يكون رواية عنه، فسنذكر من آثار عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خلاف ذلك مما ذكره أبو محمد وغيره. فهذا قول.

وقال أبو حنيفة (٣): أيهما أسلم قبل الآخر، فإن كانا في دار الإسلام عُرِض الإسلام على الذي لم يسلم، فإن أسلما بقيا على نكاحهما، وإن أبى فحينئذٍ تقع الفرقة، ولا تُراعى العدة في ذلك.

ثم اختلفوا، فقال أبو حنيفة ومحمد: الفسخ هاهنا طلاقٌ، لأن الزوج ترك الإمساك بالمعروف مع القدرة عليه، فينوب القاضي منابَه في التسريح


(١) "المحلى" (٧/ ٣١٢).
(٢) في المطبوع: "عيينة" تصحيف.
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" (٢/ ٣٣٦، ٣٣٧)، و"الاختيار لتعليل المختار" (٣/ ١١٣). والمؤلف نقل الفقرة الأولى من "المحلى" (٧/ ٣١٢).