للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين، ولم يُحدِث نكاحًا": هذا حديث حسن، ليس بإسناده بأسٌ.

فإن قيل: الكلام مع من صحَّح هذا الحديث، فإنه حديث مضطربٌ. قد روي أنه كان بين إسلامهما سنتان، وروي ستُّ سنين، ولا يصح واحدٌ من الأمرين، فإن زينب لم تزل مسلمةً من بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو العاص أسلم في السنة السادسة في زمن الهدنة، فبين إسلامه وإسلامها ثمان عشرة سنةً أو ما يزيد عليها، وكذلك رواية من روى سنتين هي غلطٌ قطعًا، فإن زينب لم تبق مشركةً إلى السنة الرابعة من الهجرة، والحديث من رواية ابن إسحاق، وكلام الأئمة فيه معروفٌ.

فالجواب أن يقال: من أين لكم تقدُّم إسلام زينب من أول المبعث، فإنها كانت تحت أبي العاص بن الربيع وهو مشركٌ، وأصحُّ ما في تقدُّم إسلامها حديث ابن عباس هذا، وهو يقتضي أنها أسلمت حين هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة. وكذلك قال ابن شهابٍ: أسلمت زينب وهاجرت بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي ذكر ذلك.

على أنه إن (١) كان إسلامها من حين المبعث كما حكى فيه الإجماع أبو محمد بن حزمٍ، فقال (٢): وقد أسلمت زينب في أول مبعث أبيها - صلى الله عليه وسلم -، لا خلاف في ذلك، ثم هاجرت إلى المدينة وزوجها كافرٌ، فكان بين إسلامها


(١) "إن" ساقطة من المطبوع.
(٢) "المحلى" (٧/ ٣١٥).