للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "قد أجزتُ جِوارَكِ"، ثم لم يُجِزْ جِوارَ امرأةٍ بعدها، ثم أسلما (١)، فكانا على نكاحهما. وكان عمر خطبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر لها النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقالت: أبو العاص يا رسول الله حيثُ علمتَ، وقد كان نِعَم الصهر، فإن رأيتَ أن تنتظره، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك.

قلت: قوله: "ثم أسلما" أي اجتمعَا على الإسلام، وإلا فزينب أسلمت قبله قطعًا، وهاجرت بعد بدرٍ قطعًا كما في "المسند" و"السنن" (٢) من حديث عائشة - رضي الله عنهما - قالت: لما بَعثَ أهل مكة في فداء أسراهم بَعثتْ زينب في فداء أبي العاص بمالٍ، وبَعثتْ فيه بقلادةٍ لها كانت عند خديجة أدخلَتْها بها على أبي العاص. قالت: فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقَّ لها رقَّةً شديدةً، وقال: "إن رأيتم أن تُطلِقوا لها أسيرَها وتردُّوا عليها الذي لها"، قالوا: نعم. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ عليه أو وعدَه أن يُخلي سبيلَ زينبَ إليه، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار، فقال: "كونا ببطن يَأْجَجَ (٣) حتى تمرَّ


(١) كذا، وعليه شرح المؤلف الآتي. والظاهر أنه تصحيف في النسخة التي اعتمدها المؤلف، فإن الذي في جميع طبعات "المصنف": "أسلم" بالإفراد، وكذا فيما اطلعت عليه من النسخ الخطية، وكذا نقله ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٦/ ٣٢٨). وهو مقتضى السياق، ففي أول الحديث: "أسلمت زينب ... ".
(٢) "مسند أحمد" (٢٦٣٦٢) و"سنن أبي داود" (٢٦٩٢) واللفظ له، وأخرجه أيضًا الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٤٢٧) والحاكم (٣/ ٢٣) بإسناد حسن.
(٣) يأجج: وادٍ ينصبُّ من مطلع الشمس إلى مكة، قريب منها. انظر: "معجم ما استعجم" (٢/ ١٣٨٥). وهو على ثمانية أميال من مكة كان ينزله عبد الله بن الزبير.