هو المفارقة= كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبتِه ما هو أدعى إلى الدخول فيه.
وأيضًا فبقاء مجرد العقد جائزًا غيرَ لازمٍ من غير تمكينٍ من الوطء خيرٌ محضٌ ومصلحةٌ بلا مفسدةٍ، فإن المفسدة إما بابتداء استيلاء الكافر على المسلمة، فهذا لا يجوز كابتداء نكاحه للمسلمة، وإن لم يكن فيه وطءٌ، كما لا يجوز استيلاؤه بالاسترقاق. وإما بالوطء بعد إسلامها، وهذا لا يجوز أيضًا، فصار إبقاء النكاح جائزًا فيه مصلحةٌ راجحةٌ للزوجين في الدين والدنيا من غير مفسدةٍ، وما كان هكذا فإن الشريعة لا تأتي بتحريمه.
وكذلك الردة أيضًا، القولُ بتعجيل الفرقة فيها خلافُ المعلوم من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، فقد ارتدَّ على عهدهم خلقٌ كثيرٌ، ومنهم من لم ترتدَّ امرأته، ثم عادوا إلى الإسلام، وعادت إليهم نساؤهم، وما عُرِف أن أحدًا منهم أُمِر أن يجدِّد عقد نكاحه، مع العلم بأن منهم من عاد إلى الإسلام بعد مدةٍ أكثر من مدة العدة، ومع العلم بأن كثيرًا من نسائهم لم ترتدَّ، ولم يستفصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه أحدًا من أهل الردة هل عاد إلى الإسلام بعد انقضاء العدة أم قبلها؟ بل المرتد إن استمرَّ على ردته قُتِل، وإن عاد إلى الإسلام فامرأته وماله باقٍ عليه بحاله، فماله وامرأته موقوفٌ، وفي تعجيل الفرقة تنفيرٌ لهم عن العود إلى الإسلام، والمقصود تأليف القلوب على الإسلام بكل طريقٍ.