للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دار الحرب، فالدار مختلفةٌ بينهما في الحقيقة. ولا يجوز أن يقال: إنهما مقيمان في دارٍ واحدةٍ فلم تختلف بهما؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن تقع الفرقة بينه وبين امرأته التي في دار الإسلام؛ لأنه قد اختلفت بهما الدار، ولوجب إذا دخل الحربي دار الإسلام وله زوجةٌ في دار الحرب أن ينفسخ النكاح بينهما لاختلاف الدار، فلما لم ينفسخ عُلِم أن المسلم إذا كان في دار الإسلام فهو من أهل دار الإسلام، والحربي إذا كان في دار الإسلام فهو من أهل دار الحرب، ومع هذا النكاحُ لا ينفسخ، كذلك هاهنا.

قالت الحنفية: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} الآية [الممتحنة: ١٠]، فالدلالة منها من وجوهٍ:

أحدها: قوله: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، وعندكم إذا خرج مسلمًا قبل أن تحيض ثلاث حيضٍ فهي حلٌّ له، وهو حلٌّ لها.

الثاني: قوله: {وَءَاتُوهُم مَّا أَنْفَقُوا}، ولو لم تقع الفرقة بينهما باختلاف الدارين لم تؤمر بردِّ المهر عليه.

الثالث: قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ}، فأباح نكاحهن على الإطلاق، وعندكم لا يباح نكاحها في الحال إذا كانت مدخولًا بها.

الرابع: قوله: {وَلَا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ اِلْكَوَافِرِ}، وفي المنع من العقد عليها تمسُّكٌ بعصمة الكوافر.

قال الجمهور: لا حجة لكم في شيء من ذلك، فإن قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ} إنما هو في حال الكفر، ولهذا قال: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٌ فَلَا