للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يذهبن حيث شئن، فلا تُعلم أحوالهن، فما يُدرِيه بانقضاء عدتهن؟

فإن قلتم: ينتظر علمه بذلك، أو حتى يصرن إلى حد الإياس فيحسب ثلاثة أشهرٍ= كان هذا في غاية البعد، ولا تأتي الشريعة به.

وإن قلتم: ينتظر مقدار ثلاث حيضٍ= فالحيضة قد يطول زمن مجيئها، فلا يُعلم متى تجيء، فكيف تنقضي العدة بالشك؟

فإن قلتم: هذا بعينه واردٌ فيمن طلَّق إحدى الأختين أو واحدةً من أربع، فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن الحكم في صورة النقض لم يثبت بنصٍّ يجب التسليم له، ولا إجماعٍ لا تجوز مخالفته.

وأما ما ذكرتم من إجماع الصحابة فسألتُ شيخنا عنه فقال لي: الظاهر أنه أراد عدة الرجعية، وهاهنا يتحقق الإجماع، وأما البائن فأين الإجماع فيها؟ (١).

قال الشافعي (٢): والحجة على جواز ذلك انقطاعُ أحكام الزوجية بانقطاع أحكامها من الإيلاء والظهار واللعان والميراث وغير ذلك.

قال: وهو قول القاسم وسالمٍ وعروة وأكثرِ أهلِ دارِ السنة وحرمِ الله.


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٧٢، ٧٣).
(٢) كما في "السنن الكبير" للبيهقي (٧/ ١٥٠). وانظر: "الأم" (٦/ ٣٨٠، ٣٨١).