للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحصنات شرطٌ، لكن قام دليل الإجماع على تركه، ولم يقم دليل على ترك شرطه في الفتيات.

قلت: لم تُجمِع الأمّة (١) على أن إيمان المحصنات ليس شرطًا، بل أحد الوجهين للشافعية: أنه إذا قدر على نكاح حرةٍ كتابيةٍ، ولم يقدر على نكاح حرةٍ مسلمةٍ، أنه ينتقل إلى الأمة. وهذا قول قوي، وظاهر القرآن يقتضيه. وقد يقال: إن آية النساء متقدمةٌ على آية المائدة التي فيها إباحة المحصنات من أهل الكتاب، قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٦]، فحينئذ أبيح نكاح الكتابيات.

قال المحرمون: قال الله تعالى: {وَاَلْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}، والإحصان هاهنا هو إحصان الحرية.

قال القاضي إسماعيل في "أحكام القرآن" (٢): يقع الإحصان على العفة، ويقع على الحرية، وإنما أريد بهذا الموضع الحرية؛ لأنه لو أريد به العفة لما جاز لمسلمٍ أن يتزوج نصرانيةً ولا يهوديةً حتى يثبت عفتها، ولما جاز له أيضًا أن يتزوج ــ بهذه الآية ــ مسلمةً حتى يثبت عفتها؛ لأن اللفظ جاء في


(١) في الأصل: "لم يجمع على الأمة".
(٢) طُبع منه قطعة ليس فيها هذا النص. وانظر مختصره المطبوع حديثًا (٢/ ٢٥١). وانظر كلام شيخ الإسلام في معنى الإحصان في "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١٢١ - ١٢٣).