للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عبدة الأصنام. وظاهر هذا أن ما عدا عبدة الأوثان غير منهيّ عن نكاحهن.

والوجه الثاني: لا تجوز مناكحتهم ولا يُقَرُّون. وهو قول أصحاب الشافعي.

وجه الأول قوله: {وَاَلْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ}، وهذا عامٌّ في كل كتابٍ، ولأنه متمسكٌ بكتابٍ من كتب الله أشبهَ أهلَ التوراة والإنجيل.

ووجه الثاني تعليلان:

أحدهما: أن الكتاب ما كان منزلًا كالتوراة والإنجيل والقرآن، فأما ما لم يكن كذلك فليس بكتابٍ، بل يكون وحيًا وإلهامًا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرةٌ في حجةٍ" (١)، وقال: "وأمرني أن آمر أصحابي بالتلبية" (٢)، ولم يكن ذلك قرآنًا، وإنما كان وحيًا. ولأن هذه الكتب وإن كانت منزلة ولكنها اشتملت على مواعظ، ولم تشتمل على أحكامٍ، وهي الأمر والنهي، فضعفت في بابها.

قلت: ليس في الدنيا من يتمسَّك بهذه الكتب ويكفُر بالتوراة والإنجيل البتةَ، فهذا القسم مقدَّرٌ لا وجود له، بل كل من صدَّق بهذه الكتب وتمسَّك بها فهو مصدِّقٌ بالكتابين أو أحدهما، ولهذا لم يخاطبهم الله سبحانه في


(١) أخرجه البخاري (١٥٣٤، ٢٣٣٧) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد (١٦٥٦٧) وأبو داود (١٨١٤) والترمذي (٨٢٩) وغيرهم من حديث السائب بن خلّاد، وإسناده صحيح.