للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الآخرون: اشتراكهم في الكفر العام لا يوجب تساويهم في ملله، فإنهم كلهم يشتركون في الجحيم على اختلاف مراتبهم في الكفر. وقوله تعالى: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١١٩] لا يدل على أن ملة اليهود هي ملة النصارى، بل إضافة الملة إلى جميعهم لا يقتضي اشتراكهم في عين الملة. وكذلك قوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِي دِينِ} [الكافرون: ٦] لا يقتضي اشتراكهم في دين واحد بحيث يدين هؤلاء بعين (١) ما يدين به هؤلاء، بل المعنى: لكلٍّ منكم دينُه وملَّته.

والله سبحانه يذكر الحق والهدى والإسلام ويجعله واحدًا، ويذكر الباطل والضلال والكفر ويجعله متعدِّدًا، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاَتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا اُلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٤].

وقال تعالى: {اِللَّهُ وَلِيُّ اُلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلنُّورِ (٢٥٥) وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ اُلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ اَلنُّورِ إِلَى اَلظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٥ - ٢٥٦].

وقال تعالى: {وَأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاَتَّقُونِ (٥٣) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣ - ٥٤].

وقال عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه -: خطَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا، وقال: «هذا سبيل الله»، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله، وقال: «هذه سبلٌ،


(١) في الأصل: «بغير»، والمثبت مقتضى السياق.