للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموت لا قبله.

الثاني: أنَّه علق الاستحقاق بالقسمة، فقال: «من أسلم على ميراث قبل أن يقسم»، ولم يقل: قبل أن يموت الموروث. ولا يصلح أن يكون معنى (قبل أن يقسم) هو معنى (قبل أن يموت موروثه). والتأويل إذا خرج إلى هذا الحد فَحُش جدًّا.

الثالث: أنَّه ليس في هذا كبير فائدة أن يقال: من أسلم قبل موت موروثه وَرِثه، فهذا أمرٌ لا يخفى على أحد حتى يحتاج إلى بيان.

ولا يمتنع أن يوجد الاستحقاق بعد الموت، ويكون في حكمه قبله (١)، كما قلتم فيمن حفر بئرًا ومات ثم وقع فيها إنسانٌ: فإن الضمان متعلقٌ بتركته كما لو وُجِد الوقوع في حال حياته؛ فالحفر ــ سبب الضمان ــ وُجِد في حال الحياة، والوقوع شرطٌ في الضمان وُجِد بعد الموت. والنسب ــ سبب الإرث ــ وُجِد قبل الموت، والإسلام شرطٌ في استحقاقه وُجِد بعد الموت، فلا فرقَ بينهما.

ولأنَّ لِعدم القسمة تأثيرًا في الاستحقاق، بدليل أنَّ الكفار إذا ظهروا على أموال المسلمين، ثم ظهر عليها المسلمون قبل القسمة كان صاحبه أحقَّ به، وبعد القسمة لا حقَّ له فيه.

يبيِّن هذا أنَّ المال قبل القسمة لا تتعين حقوق الورثة فيه حتى تستقر الوصية إن كانت، إما بقبولٍ أو ردٍّ، فتتعين بالقسمة.


(١) كذا، ولعل صوابه: «في حكم ما قبله».