للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق بين الصورتين.

قال المورِّثون: إنَّما حكمنا بالملك للموجودينَ من الورثة في الظاهر ملكًا مراعًى، كما حكمنا بالملك لهم إذا كان الوارث (١) قد حفر بئرًا ونصب سكِّينًا، فإنا نحكم به في الظاهر، فلو وقع في البئر إنسانٌ بعد ذلك فإنه يرجع عليهم بالأرش، وتبيَّنَّا أنَّ ذلك الحكم لم يكن صحيحًا؛ كذلك هاهنا.

ويفارق هذا إذا حدث له وارثٌ بعد ذلك، لأنَّ سبب الإرث لم يكن موجودًا حال الموت، والسبب هاهنا موجودٌ وهو النسب، فجاز أن يرث بعد الموت والإسلام.

يبيِّن صحة هذا أنَّه لو حفر العبد بئرًا في حياة السيد ومات السيد، فوقع فيها إنسانٌ بعد موته، تعلَّق الضمان بتركته. ولو حفرها العبد بعد موت السيد ووقع فيها إنسانٌ لم يتعلق بتركته، وإن كان العبد مضافًا إليه في الحالين. وكان الفرق بينهما ما ذكرنا.

ولأنَّهم قد قالوا: لو أعتق المسلم عبدًا نصرانيًّا كان ميراثه مراعًى، فإن أسلم قبل موته ورثه بالولاء، وإن مات قبل أن يسلم لم يرثه. وهذا إلزامٌ جيدٌ، لأنهم جعلوا الميراث مراعًى على ما يحدث بعد العتق.

وأمَّا إلزامهم مسألةَ العبدِ إذا عتَقَ بعد الموت وقبل القسمة، فإلزامٌ قويٌّ جدًّا. وقد نصَّ أحمد على أنَّه لا يرث مفرِّقًا بينها وبين مسألة إسلام الكافر في جوابٍ واحدٍ. ولكن قد سوَّى بينهما في الميراث: الحسنُ وأبو الشعثاء،


(١) كذا، والسياق يقتضي: «المورِّث» أو «الموروث».