للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سببها وهو الإسلام.

فالجواب من وجوه، أحدها: أن يقال: للناس في وجوب الزكاة عليه قولان، أحدهما: لا تجب عليه، فلا يصح الإلزام بها. والثاني: تجب في ماله، وهي نفعٌ محضٌ له، تعود عليه بركتها في العاجل والآجل، فهي في الحقيقة له لا عليه.

وأمَّا نفقة قريبه، فقد قدَّمنا أنَّ الصحيح وجوبُها مع اختلاف الدين، فلم يتجدَّد وجوبُها بالإسلام. وإن تجدَّد وجوبها بالإسلام فالنفع الحاصل له بالإسلام في الدنيا والآخرة أضعافُ أضعافِ الضرر الحاصل بتلك النفقة. وليس في شرع الله ولا في قدره إضاعةُ الخير العظيم لما في ضِمنه من شرٍّ يسيرٍ لا نسبة له إلى ذلك الخير البتَّة، بل مدار الشرع والقدر (١) على تحصيل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما، وارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما.

وأمَّا حِرمان (٢) الميراث من قريبه الكافر، فجوابه من وجوه:

أحدها: أنَّ هذا يلزمهم نظيره، إذ قد يكون له قريبٌ مسلم، فإن لم يُصحَّح إسلامُه مُنع ميراثَه منه، وفي ذلك تفويت مصلحة دنياه وآخرته.

الثاني: أنَّا قد قدَّمنا أنَّ مذهب كثير من الصحابة وجماعة من التابعين أنَّ المسلم يرث الكافر دون العكس، وبيَّنَّا رجحان هذا القول بما فيه كفاية.

الثالث: أنَّه ولو حُرِم الميراث فما حصل له من عِزِّ الإسلام وغناه والفوز


(١) في هامش الأصل: «والمقدر»، والمثبت من متنه أولى.
(٢) في المطبوع: «حرمانه»، خلاف الأصل.