للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فدلَّ هذا على حفظ محمد بن إسحاق وإتقانه وضبطه، لأنَّه ذكر «مسلمين» في روايته عن ثور بن يزيد لهذا الحديث، وأسقطه من رواية قتادة، وكذلك رواه الناس عن قتادة قصر فيه عن قوله «مسلمين»، وزاده ثورٌ بإسناده، فالله أعلم.

قال أبو عمر (١): والحنيف في كلام العرب: المستقيم المخلص، ولا استقامة أكبر من الإسلام.

قال (٢): وقد روي عن الحسن قال: الحنيفية حج البيت، وهذا يدل أنه أراد الإسلام، وكذلك روي عن الضحاك والسُّدِّي: حنفاء: حجاجًا، وعن مجاهدٍ: حنفاء: متبعين (٣)، قال: وهذا كله يدل على أن الحنيفية: الإسلام.

قال (٤): وقال أكثر العلماء: الحنيف المخلص، وقال الله عز وجل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا} [آل عمران: ٦٦]، وقال تعالى: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ اُلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} [الحج: ٧٦]، قال الراعي (٥):


(١) في «التمهيد» (١٨/ ٧١) ولفظه: «المستقيم السالم»، وكذا في «الاستذكار» (٨/ ٣٧٩). وليس فيهما قوله: «ولا استقامة أكبر من الإسلام»، وهو مدرج من كلام شيخ الإسلام في «درء التعارض» (٨/ ٣٦٩).
(٢) «التمهيد» (١٨/ ٧٥).
(٣) أخرج الآثار الثلاثة ابن المنذر في «تفسيره» (١/ ٢٤٦). وانظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٥٩٢ - ٥٩٣).
(٤) «التمهيد» (١٨/ ٧٥). وليس فيه: «وقال أكثر العلماء: الحنيف المخلص».
(٥) «ديوانه» جمع راينهرت فايبرت (ص ٢٢٩).