للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: إنِّي أحببتُ أن أُشكَر.

ورأى فيهم الأنبياء مثل السُّرُج عليهم النور، وخُصُّوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة، فهو الذي يقول: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ اَلنَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ} إلى قوله: {غَلِيظًا} [الأحزاب: ٧]، وهو الذي يقول: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ} [الروم: ٢٩]، فلذلك قال: {هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ اَلنُّذُرِ اِلْأُولى} [النجم: ٥٥]، وفي ذلك قال: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ} [الأعراف: ١٠١]، وفي ذلك قال: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ} [يونس: ٧٤]، كان في علمه يومَ أقرُّوا بما أقرُّوا به ومَن (١) يكذِّب به ومَن يصدِّق. قال: وكان رُوح عيسى من تلك الأرواح التي أُخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم، فأرسل ذلك إلى مريم حتى {اِنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} إلى قوله: {حَمَلَتْهُ} [مريم: ١٥ - ٢١]، حملت الذي خاطبها، وهو روح عيسى (٢).

وفي تفسير أسباط بن نصر (٣)، عن السدي، عن أبي مالك، وعن أبي


(١) كذا في الأصل و «القدر» للفريابي بإثبات الواو. ولم ترد في عامَّة المصادر، وهو أشبه بالسياق.
(٢) أي حملت مريم الروحَ الذي تمثَّل لها بشرًا سويًّا وخاطبها فقال: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ... }، فإن المخاطب لها كان روحَ عيسى. وسيأتي إبطال المؤلف لهذا القول لاحقًا (ص ١٩٤). وقال عامَّة مفسري السلف: إن الروح الذي خاطبها هو جبريل. انظر: «تفسير الطبري» (١٥/ ٤٨٥ - ٤٨٦).
(٣) أخرجه الطبري (١٠/ ٥٦٠، ٥٦١) مختصرًا، وابن عبد البر في «التمهيد» (١٨/ ٨٥) مطوَّلًا بأسانيدهما عن أسباط.