للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنَعناه الإرثَ لعطَّلنا إعمال النسب في مقتضاه مع أنَّه لا مانعَ له حين اقتضائه، فإنَّ النسب (١) اقتضى حُكمَه بالموت، وهو في هذه الحال لا مانعَ له، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قال القاضي: فإن قيل: فقد قال أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحَّال وجعفر بن محمد (٢) ــ واللفظ له ــ في نصراني مات، وله امرأةٌ نصرانيةٌ حُبلى، فأسلمَت بعد موته ثم وَلدَت: لا يرث الولد، إنَّما مات أبوه وهو لا يُعلَم ما هو، وإنما يرِث في الولادة، ويحكم [له بحكم] (٣) بالإسلام. فظاهرُ هذا أنَّه حَكَم بإسلامه، ولم يَحكم بالميراث.

قيل: يحتمل أن يُخرَّج من هذا روايةٌ: أنَّا نحكم بإسلامه ولا نحكم له بالميراث، وهو القياس لئلَّا يرث مسلم من كافرٍ. ويحتمل أن يفرَّق بينهما، فإذا مات أحدهما ــ وهو مولودٌ ــ حُكم بإسلامه ووَرِثه، وإن كان حملًا حكم بإسلامه ولم يرثه. وهو ظاهر تعليل أحمد، لأنَّه قال: «إنَّما مات أبوه وهو لا يُعلَم ما هو»، لأنَّه إذا أسلمت الأمُّ فالمانع قويٌّ لأنَّه مُجمَعٌ عليه، وإذا مات الأب فهو ضعيف لأنه مختلفٌ فيه.

قلت: هذه الرواية لا تُعارِض نصَّه على الميراث في المسألة المتقدمة، لأنَّ الميراث إنَّما يثبت بالوضع، والإسلام قد تقدَّم عليه، وأنَّه ثبت له حكم الإسلام بسببين: متفقٍ عليه، ومختلفٍ فيه، وكلاهما سابقٌ على سبب


(١) في الأصل: «السبب»، ولعل المثبت أولى.
(٢) أسندهما الخلال في «الجامع» (٢/ ٤٠٧).
(٣) من «الجامع»، ولعله سقط لانتقال النظر.