للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا عاملين، والذي نفسي بيده لئن شئتِ أسمعتُكِ تَضَاغِيَهم في النار» (١).

ولكن هذا الحديث قد ضعَّفه جماعةٌ من الحفاظ (٢). قال أبو عمر (٣): أبو عقيل هذا لا يُحتَجُّ بمثله عند أهل النقل. وهذا الحديث لو صحَّ لاحتمل من الخصوص ما احتمل غيره. قال: وممَّا يدلُّ على أنَّه خصوصٌ لقومٍ من المشركين قوله: «لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار»، وهذا لا يكون إلا فيمَن قد مات، وصار في النار.

قال: وقد عارض هذا الحديث ما هو أقوى منه من الآثار.

قلت: مراد أبي عمر أنَّ هذا خاصٌّ ببعض أطفال المشركين الذين ماتوا ودخلوا النار، ولا يلزم منه أن يكون هذا حكمًا عامًّا لجميع الأطفال. وهذا جواب (٤) صحيح يتعيَّن المصير إليه جمعًا بينه وبين حديث سَمُرَة الذي رواه البخاري في «صحيحه» (٥)، وهو صريحٌ بأنَّهم في الجنَّة كما سيأتي.


(١) أخرجه أحمد (٢٥٧٤٣) مختصرًا، والطيالسي (١٦٨١) ــ ومن طريقه البيهقي في «القضاء والقدر» (٦١٦) ــ وأبو القاسم البغوي في «مسند ابن الجعد» (٢٩٦٩) وابنُ عبد البر في «التمهيد» (١٨/ ١٢٢) وغيرهم، من طرق عن أبي عقيل به. وأبو عقيل ضعيف كما سيأتي في كلام المؤلف، وبهية مجهولة.
(٢) كابن عدي في «الكامل» في ترجمة بهية (٢/ ٥٣٠) وأبي عقيل (١٠/ ٥٤٧)، وابنُ الجوزي في في «العلل المتناهية» (٢/ ٤٢٢).
(٣) في «التمهيد» (١٨/ ١٢٢).
(٤) «جواب» ساقط من المطبوع.
(٥) برقم (٧٠٤٧) في رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - التي رآى فيها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في روضة مُعْتَمَّة وحوله الولدان الذين ماتوا على الفطرة، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «وأولاد المشركين».