للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجُّوا بما في «الصحيح» (١) من حديث الصَّعْب بن جَثَّامَة أنَّه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أهل الدار من المشركين يُبيَّتون فيُصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هم منهم». وفي لفظ (٢): «هم من آبائهم»، قال الزهري: ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عن قتل النساء والولدان.

ولا حجةَ لهم في هذا، فإنَّه إنَّما سُئِل عن أحكام الدنيا وبذلك أجاب، والمعنى: أنَّهم إن أُصِيبوا في التَّبْيِيت والغَارة فلا قوَدَ ولا دِيَةَ على مَن أصابهم لكونهم أولادَ مَن لا قوَدَ ولا ديةَ لهم. وعلى ذلك مخرج الحديث سؤالًا وجوابًا.

واحتجَّوا أيضًا بقول الله تعالى: {وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} [الطور: ١٩]. وهذا يدلُّ على أنَّ ذرية الكافرين تُلحَق بهم ولا يُلحَقون بالمؤمنين وذريَّاتهم، فإنَّ الله تعالى شرَطَ في الإلحاق إيمان الآباء.

وهذا لا حجةَ فيه، لأنَّ الله تعالى إنَّما أخبر عن إلحاق ذريَّة المؤمنين بآبائهم، ولم يُخبِر عن ذريَّة الكفار بشيء. بل الآية حجةٌ على نقيض ما ادَّعوه من وجهين:

أحدهما: إخباره أنَّه لم ينقص الآباءَ بهذا الإلحاق من أعمالهم شيئًا، فكيف يعذِّب هذه الذرية بلا ذنب؟!


(١) للبخاري» (٣٠١٢) ومسلم (١٧٤٥/ ٢٦).
(٢) عند البخاري (٣٠١٣) ومسلم (١٧٤٥/ ٢٨) وأبي داود (٢٦٧٢)، وقول الزهري عند أبي داود فقط.