للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيكون من أهل الجنة. ودليل ذلك ما روى مسلم في «صحيحه» (١) من حديث عِياض بن حِمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه عز وجل: «إني خلقت عبادي حنفاء .. » الحديث.

وزاد فيه محمد بن إسحاق، عن ثَور بن يزيد، عن يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن عِياض بن حِمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله خلق آدم وبَنِيه حُنَفاء مسلمين، وأعطاهم المال حلالًا لا حرامًا» (٢).

قالوا: وأيضًا، فالنار دارُ عدله تعالى، لا يدخلها إلا مَن يستحِقُّها. وأمَّا الجنَّة فدارُ فضله فيُدخِلها مَن أراد، بعملٍ وغير عمل. وإذا كانت النار دار عدله فمَن لم يعصِ الله طرفةَ عينٍ كيف يُجازَى بالنار خالدًا مخلَّدًا أبدَ الآباد؟!

قالوا: وأيضًا، فلو عذَّب الأطفال لكان تعذيبهم إمَّا مع تكليفهم بالإيمان، أو بدون التكليف. والقسمان ممتنعان. أمَّا الأول، فلاستحالة تكليفِ مَن لا تمييزَ له، ولا عقلَ أصلًا. وأمَّا الثاني، فممتنعٌ أيضًا بالنصوص التي ذكرناها وأمثالِها مِن أنَّ الله تعالى لا يعذِّب أحدًا إلا بعدَ قيام الحجة عليه.

قالوا: وأيضًا، فتعذيبهم إمَّا أن يكون لعدم وقوع الإيمان منهم، وإمَّا لوجود الكفر منهم، والقسمان باطلان. أمَّا الثاني فظاهرٌ، لأنَّ مَن لا عقلَ له ولا تمييزَ لا يَعرِف الكفر حتى يختاره. وأمَّا الأول، فلو عُذِّبوا لعدم وجود


(١) برقم (٢٨٦٥/ ٦٣)، وقد تقدَّم آنفًا.
(٢) سبق تخريجه، والكلام على زيادة «مسلمين» فيه. انظر: (ص ١١٧ - ١١٩).