للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإنَّ الأئمة تلقَّوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجُّوا بها، ولم يزَل ذكرُ الشروط العُمَرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أَنفَذها بعدَه الخلفاءُ وعَمِلوا بموجَبها.

فذكر أبو القاسم الطَّبري (١) من حديث أحمد بن يحيى الحُلْواني: حدثنا عبيد بن جناد: حدثنا عطاء بن مسلم الحَلَبي، عن صالح المُرادي، عن عبد خير قال: رأيتُ عليًّا صلَّى العصر فصفَّ له أهل نجران صفَّين، فناوله رجل منهم كتابًا، فلمَّا رآه دَمَعَت عينُه ثم رفع رأسَه إليهم قال: يا أهل نجران، هذا والله خطِّي بيدي وإملاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا: يا أمير المؤمنين، أَعطِنا ما فيه. قال: ودنوت منه فقلت: إن كان رادًّا على عمر يومًا فاليوم يَرُدُّ عليه! فقال: لستُ برادٍّ على عمر شيئًا صنَعَه، إنَّ عمر كان رشيد الأمر، وإنَّ عمر أخذ منكم خيرًا ممَّا أعطاكم، ولم يَجُرَّ عمر ما أخذ منكم إلى نفسه، إنَّما جرَّ لجماعة المسلمين.

وذكر ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشعبي: أنَّ عليًّا - رضي الله عنه - قال لأهل نجران: إنَّ عمر كان رشيد الأمر، ولن أغيِّرَ شيئًا صنعه


(١) هو هبة الله اللالكائي صاحب «شرح السنة»، وليس الأثر فيه، ولعله في كتاب آخر له ذكر فيه أحكام أهل الذمة والشروط العمرية، الذي سيكثر المؤلف النقلَ منه لاحقًا. وقد أخرجه أيضًا الآجري في «الشريعة» (١٢٣٣) عن أحمد بن يحيى الحلواني به. وأخرجه البيهقي (١٠/ ١٢٠) من طريق آخر عن عطاء بن مسلم به.