للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسائل التي وردت مِن قبل الخليفة. فقلت: أي شيء تذهب أنت؟ فقال: ما كان من صلحٍ يُقَرُّ، وما كان أُحدِث بعدُ يُهدَم.

وقال أبو طالب: سألت أبا عبد الله عن بيع النصارى: ما كان في السواد، وهل أقرَّها عمر؟ فقال: «السواد فتح بالسيف، فلا يكون فيه بِيعة، ولا يُضرَب فيه ناقوس، ولا يُتَّخذ فيه الخنازير، ولا يُشرَب الخمر، ولا يرفعوا أصواتهم في دُورِهم، إلا الحِيرة وبانِقْيا ودَيْر صَلُوبا، فهؤلاء صُلحٌ صُولِحوا ولم يُحرَّكوا (١)، فما كان منها لم يُخرَب. وما كان غير ذلك فكلُّه مُحدَث يُهدَم، وقد كان أَمَر بهَدْمها هارون. وكلُّ مصرٍ مصَّرته العرب فليس لهم أن يبنوا فيه بِيعةً، ولا يضربوا فيه ناقوسًا، ولا يشربوا فيه خمرًا، ولا يتخذوا فيه خنزيرًا. وما كان من صلح صولحوا عليه فهو على صلحهم وعهدهم. وكلُّ شيء فُتِح عَنْوَةً فلا يُحدثوا فيه شيئًا من هذا. وما كان من صلحٍ أُقِرُّوا على صلحهم». واحتجَّ فيه بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢).

وقال أبو الحارث: سئل أبو عبد الله عن البِيَع والكنائس التي بناها أهل الذِّمة، وما أحدثوا فيها ممَّا لم يكن. قال: تُهدَم، وليس لهم أن يُحدثوا شيئًا من ذلك فيما مصَّره المسلمون، يُمنعون من ذلك إلا ممَّا صُولِحوا عليه. قيل لأبي عبد الله: أَيشٍ الحجة في أن يمنع أهل الذِّمة أن يبنوا بيعةً أو كنيسةً إذا كانت الأرض ملكهم، وهم يؤدُّون الجزية، وقد مُنِعنا من ظُلمهم وأذاهم؟


(١) غيَّره صبحي الصالح إلى: «ولم يُحاربوا»، وما في الأصل موافق لمصدر النقل.
(٢) أي أثره الذي تقدَّم آنفًا.