للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصارى واليهود ــ بذلك الإقليم أو غيره ــ الذمةَ على أن يبقى ما بالإقليم المذكور من البِيَع والكنائس والدُّيُورة ونحوها متعبَّدًا لهم، وتكون الجزية المأخوذة منهم في كل سنةٍ في مقابلة ذلك بمفرده أو مع غيره أم لا؟

فإن لم يَجُز لأجل ما فيه من تأخير ملك المسلمين عنه، فهل يكون حكم الكنائس ونحوها حكمَ الغنيمة يتصرَّف فيه الإمام تصرُّفَه في الغنائم أم لا؟

وإن جاز للإمام أن يعقد الذِّمة بشرط بقاء الكنائس ونحوها، فهل يملك من عُقِدت له الذمةُ بهذا العقد رقابَ البِيَع والكنائس والدُّيُورة ونحوها، ويزول ملك المسلمين عن ذلك بهذا العقد أم لا؟ لأجل أنَّ الجزية لا تكون عن ثمنِ مبيعٍ؟

وإذا لم يملكوا ذلك وبَقُوا على الانتفاع بذلك وانتقض عهدهم بسببٍ يقتضي انتقاضَه إمَّا بموتِ مَن وقع عقد الذمة معه ولم يُعْقِبوا أو أعقبوا، فإن قلنا: لكن (١) أولادُهم يستأنف معهم عقد الذمة، كما نصَّ عليه الشافعي فيما حكاه ابن الصَّبَّاغ وصحَّحه العراقيون (٢) واختاره ابن أبي عصرون في «المرشد»، فهل لإمام الوقت أن يقول: لا أعقد لكم الذمة إلا بشرطِ أن لا تُدخلوا (٣) الكنائس والبِيَع والدُّيُورة في العقد، فتكون كالأموال التي جُهِل


(١) كذا في الأصل.
(٢) كأبي حامد الإسفراييني. قال الماوردي: هذا وهم. والظاهر من مذهب الشافعي أنهم يلتزمون جزية آبائهم من غير استئناف عقد معهم. انظر: «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٠٩).
(٣) نقطه في الأصل بالياء، ولعل المثبت أشبه.