للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنَّ أمكنة البِيَع والكنائس قد صارت ملكًا للمسلمين، فتمكين الكفار من إقامة شعار الكفر فيها كبَيعهم وإجارتهم إيَّاها لذلك.

ولأنَّ الله تعالى أمر بالجهاد حتى يكون الدِّين كلُّه له، وتمكينهم من إظهار شعار الكفر في تلك المواطن جعل الدين له ولغيره.

وهذا القول هو الصحيح.

والقول الثاني: يجوز إبقاؤها، لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: أيما مصرٍ مصَّرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإنَّ للعجم ما في عهدهم (١).

ولأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتح خيبر عنوةً وأقرَّهم على معابدهم فيها ولم يهدمها.

ولأنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - فتحوا كثيرًا من البلاد عَنْوةً فلم يَهدِموا شيئًا من الكنائس التي بها. ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبيع في البلاد التي فُتِحت عَنْوةً، ومعلومٌ قطعًا أنَّها ما أُحدِثت بل كانت موجودةً قبل الفتح. وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عُمَّاله: أن لا تهدموا كنيسةً ولا بيعةً ولا بيت نارٍ (٢). ولا يناقِض هذا ما حكاه الإمام أحمد أنَّه أمر بهدم الكنائس (٣)، فإنَّها


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٢٨٥) ــ وعنه ابن زنجويه (٤٠٠) ــ وابن أبي شيبة (٣٣٦٥٤) قالا: حدثنا حفص بن غياث عن أُبي بن عبد الله قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز.
(٣) يدل عليه أن نهي عمر بن عبد العزيز جاء مقيَّدًا في رواية ابن أبي شيبة بما «صُولحوا عليه»، إذًا فلا يشمل المُحدَث منها.